“حلم قريب الحدوث”.. الدكتور أشرف عمران يكشف لـ”جريدة مصر الزراعية” كواليس إنشاء أول مدينة زراعية في مصر

0

 

حوار: ماهر الخضيري

أعده للنشر: مصطفى فرحات

حلم كبير يراود الدكتور أشرف عمران رئيس المركز العربي للأمن الغذائي والمائي، حيث يطمح العالم الكبير أن يحدث طفرة في المجال الزراعي في مصر، فبعد أن جاب بفكرته العديد من الدول العربية والأجنبية، أراد الاستقرار بها على مرفأ آمن، وأن ينقل عصارة تلك التجارب التي خاض غمارها في الداخل والخارج، حيث يخطط في الفترة القادمة أن يبني أول مدينة زراعية كبيرة في مصر، لا تعتمد فقط على الزراعة بشكلها التقليدي، بل تقوم أيضًا بالتجميع والفرز والتصنيع حتى يصل المنتج في النهاية إلى المستهلك.

في حوار للدكتور أشرف عمران، مع “جريدة مصر الزراعية”، يكشف لنا ملامح تلك المدينة والآفاق الجديدة التي تسعى إلى فتحها في مصر، كذلك أبرز المشاريع المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة، والتي تشمل الإنتاج الحيواني والنباتات الطبية والعطرية ومنتجات الطحالب، كذلك التحول الكبير الذي من الممكن أن تحدثه هذه المشاريع في حالة تمت له على الشكل المرغوب والمخطط له.. وإلى نص الحوار:

جريدة مصر الزراعية
جريدة مصر الزراعية

في البداية، نحب أن تضع أيدينا على أهم المحطات في حياة الدكتور أشرف عمران؟

بمجرد أن أنهيت الدراسة في كلية الزراعة بجامعة عين شمس، تعينت كمعيد في قسم البساتين، لكن حالت الظروف بيني وبين الاستمرار، فاتخذت قرار الدخول إلى سوق العمل، فكانت البداية مع اللاندسكيب، وبعد مضي مدة من الوقت سافرت إلى أمريكا، وهنا كان التحول المحوري في حياتي، حيث قمت بتسجيل رسالة الماجستير بجامعة فرجينيا، وبدأت أنظم حياتي مناصفة بين العمل والدراسة.

في تلك الفترة كان من حسن حظي أن التقيت بخبير أجنبي، كان وقتها من أشهر خبراء الأكوابونيك في العالم، كان مختص بالأسماك، بينما توليت أنا الشق الزراعي، كانت تلك الخطوة هي التي فتحت عيني على مشاريع كثيرة، منها مزرعة زهور وشركة أخرى أسستها مع شريك أجنبي، ثم بدأت أتجه صوب البلدان العربية، فأنشأت مشاريع زراعية كبيرة بدولة الكويت والبحرين، ووقتها حدثت أزمة المياه، لكننا نجحنا في تجاوزها بالإضافة إلى أننا نجحنا في تحقيق نتائج جيدة جدًا، في تلك الفترة أيضًا بدأ اسمي يتردد فوصل إلى محمد بن زايد حاكم الإمارات؛ الذي أشرفت له على مشاريع زراعية كبرى، سواء فيما تتعلق بالديوان الملكي هناك، أو المشاريع التي توفرها الدولة للشباب، وعليها بدأت أخوض غمار تجارب ناجحة في الداخل والخارج.

تفكرون في إنشاء مشروعاتكم الزراعية الكبرى في مدينة أسوان ومدينة سيوة، هل من الممكن أن نبني مدينة زراعية فى منطقتين متباعدتين، وهل طبقت ذلك بالفعل؟

بالطبع نستطيع أن نبني مدينة زراعية لأننا نملك كل المقومات والإمكانيات لذلك، ومسألة البعد الجغرافي التي من الممكن أن يراها الناس عائقًا، هي ميزة في حد ذاتها، نظرًا لاختلاف العوامل الجوية التي تتطلبها النباتات المختلفة، ما بين مزروعات تحتاج إلى برودة عالية وأخرى بحاجة إلى حرارة مرتفعة، وبالفعل أنا اتبعت هذه السياسة فى دولة إندونيسيا، وهي أكثر الدول شبهًا بمصر من حيث الثقافة التي تتحكم في عقليات المواطنين، حيث لا تهمه الفنيات المتعلقة بالمشروع بقدر ما يهمه البعد المادي، نستطيع أن نقول أن الموضوع برمته يحتاج إلى تطوير حقيقي وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة .

جريدة مصر الزراعية
جريدة مصر الزراعية

ما هو الفرق بين مدينة زراعية ومشروع زراعي كبير؟

المدينة تعني أن تشرف على المنتج بداية من زراعته وتجميعه وتصنيعه حتى وصوله إلى المستهلك في النهاية، مع الإبقاء على تقنية معاملات ما بعد الحصاد، حيث يؤدي التهاون فيها إلى وقوع خسائر فادحة، أما في حالة الالتزام بها فإن ذلك يضاعف من حجم الأرباح، نستطيع أن نقول إن الزراعة التقليدية لم تعد تصلح لهذا العصر، ولا تتماشى مع حجم التطور الهائل.

لو أحببنا أن نطور القطاع الزراعي في مصر، كيف يتم ذلك هل يكون بالأنظمة الحديثة المتمثلة في الأكوا بونيك والهيدروبونيك؟

التطوير لابد أن يكون منهجيًا خاضع لخطط على المستوى القريب والبعيد، ولابد أن نأخذ في الاعتبار الطريقة الصحيحة التي تتلائم مع مختلف الزراعات، ففي حين أن هناك زراعات تًنمى بالرش التقليدي، هناك أخرى تكون الهيدروبونيك هي الطريقة الوحيدة للنهوض بها، كما يجب الأخذ في الاعتبار وجود خطة تصديرية واتباع اللوائح التي ينص عليها الأمن الغذائي، والموضوع في النهاية ليس تنافسيًا بقدر ما هو صناعة تكاملية يساهم الجميع في النهوض بها، وإلا سيتحول المجال إلى حلبة صراع تقتل الصناعة الوطنية.

كلمنا عن مشروع النباتات العطرية الذي ستشرع في تنفيذه، وما هو السبب وراء الاتجاه إليه؟

مصر تصدر أكثر من 90% من النباتات العطرية والطبية إلى الخارج، هذ يعني أننا نملك سرعة عالمية في الإنتاج في ظل التدرج المناخي، لكننا في مشروعنا “بي جرين” سنطور الكيفية التي يتم بها زراعة هذه النباتات، حيث سنركز على تقنية جديدة تعرف باسم “البايو ديناميك” والتي تعتمد على طاقة القمر والأوقات التي ينشط فيها وكذلك عوامل المد والجزر، وهي الأوقات التي تكون فيها الأوراق غنية بالمادة الفعالة، لذا هناك اتجاه عام أن تتم كل الزراعات بشكل أورجانيك، وهذا ما طلبته الكثير من الشركات، أما عن السبب الذي دفعني في الاتجاه نحو النباتات الطبية والعطرية، هو إيماني بأن من يملك الماء والغذاء والطاقة يصنع الفارق دائمًا، وهذا ما أحاول القيام به في الوقت الحالي.

جريدة مصر الزراعية
جريدة مصر الزراعية

هل هناك إمكانية أن نقيم مدينة للإنتاج الحيواني في مشروع قائم بالأساس على الزراعة بالهيدروبونيك؟

بالفعل نستطيع ذلك، هناك طريقة تسمى استنبات الشعير لإنتاج الحيواني، وبالفعل نفذت تلك الطريقة في كردستان، حيث بدأت بأكثر من 1200 رأسًا وصل صافي الربح فيها نحو 3 مليار جنيه، وأنا أعتبر أن هذا العدد بمثابة الاقتصاد المثالي وإلا من الممكن أن يتعرض صاحب المشروع إلى الخسارة.

ما هي الآفاق الجديدة التي تريد شركة بي جرين أن تفتحها في مصر، والأشياء التي تطمح إلى تحقيقها؟

نحن نفذنا المدينة الزراعية في أكثر من دولة في العالم، وأثبتت نجاحها، فكان لابد أن تتجه البوصلة مرة أخرى إلى مصر، انطلاقًا من واجبنا تجاه الناس الذين أخذنا من أموالهم كي نتعلم، لذا نسعى أن نؤسس المدينة بخبرات الجميع، لا نحب أن نعمل في جزر منعزلة، كل واحد يدور في فلك بعيدًا عن الآخر، نحن في المدينة لن نزرع فقط بل سنفرز ونصنع، كذلك أخطط لعمل أكاديمية ألقي فيها محاضرات علمية للعاملين داخل المشروع، وسيكون متاحًا لمن خارجه سواء خبراء أو مهندسين أو طلبة عمال في شركات أخرى، الحصول على تلك الدورات مقابل منحهم شهادات تثبت أنهم مهيؤون للدخول إلى سوق العمل.

هل تعتقد أن الأكوابونيك والهيدروبونيك لم تنتشر في مصر بالدرجة الكافية؟

المجال هنا ينقصه الخبرة الكافية في التعامل معها بشكل صحيح، لأن معظم العاملين به يعتمدون على طرق منافية للوائح والضوابط والتعليمات الصحيحة، كما لا يتم تطبيق المواصفات التي ينص عليها قانون جودة الغذاء، حيث تتغاضى عنها الكثير من المشاريع، الأمر الذي يجبر الكثير من المستثمرين إلى استيراد هذه المستلزمات من الخارج، الأمر ينعكس فيما بعد على أسعار المنتجات.

جريدة مصر الزراعية
جريدة مصر الزراعية

هل من الممكن أن نحقق الاكتفاء الذاتي من خلال زراعات الهيدروبونيك؟

بالطبع، لأن مصر تملك كل المقومات التي تتيح لها فرص نجاح زراعات الهيدروبونيك، من أرض ومياه عمالة وسو شرائي جيد، لكن كل ذلك وحده لا يكفي، لابد من وجود الفكر والوعي والتسويق الجيد الذي يدفع هذه الإمكانيات في الاتجاه الصحيح، وهذا ما نحاول التركيز عليه، في وضع كل تفصيلة في مكانها الصحيح.

هل ستحتاج المدينة الزراعية المزمع إنشاؤها إلى استثمارات ضخمة؟

المشروع مقسم إلى ثلاث مراحل، في المرحلة الأولى التي نعكف على التحضير لها في الوقت الحالي، نخطط أن نؤسس مدنية إنتاج حيواني بسيوة، وسيكون متاح لأي مستثمر المساهمة معنا في المشروع كشريك وليس كصاحب أسهم، إما بالمال أو بقطعة أرض، وذلك منعًا لحدوث أية خلافات أو مشاكل، ومن ناحية أخرى توط العلاقة بين المستثمر وبين حرصه على المشروع كما لو هو مالكه الوحيد، أنا متوقع لو بدأ المشروع برأس مال 50 مليون جنيه أن يصل بعد 5 سنوات إلى ما يقرب من 3 مليار جنيه.

جريدة مصر الزراعية
جريدة مصر الزراعية

كلمنا عن الطحالب، ولماذا لم تنتشر فكرتها ف مصر بالشكل المرغوب؟

معظم مستخلصات الطحالب التي يتم استخدامها في مصر في الوقت الحالي، لا تصلح للاستخدام العام نظرًا لعدم مطابقتها لشروط وعوامل الأمن والسلامة، نحن أدركنا هذه الثغرة جيدًا، لذا نخطط أن نبني مدينة تقوم بالكامل على منتجات الطحالب، وقد أظهرت النتائج الأولى التي توصلنا اليها أن هذه المنتجات تعطي نتائج تفوق في قوتها الأثر الذي تحدثه الفياجرا بنسبة 70%، لكن هذا بشكل طبيعي ومجرب، وتبلغ تكلفتها نحو 22 مليون دولار، مقسمة على أكثر من مصنع، يأتي ذلك من إيماننا بأن الطحالب هي مستقبل العالم الفترة القادمة في توفير الغذاء والطاقة ومحاربة التلوث.

 

 

 

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق