مع قدوم فصل الخريف وبداية انخفاض
درجات الحرارة وزيادة حركة الرياح تزداد مخاوف منتجي الدواجن من الأمراض التنفسية
وما ينتج عنها من خسائر اقتصادية هائلة تتمثل في ارتفاع معدلات النفوق بقطعان
التسمين (اللاحم) فضلاً عن سوء معامل التحويل الغذائي وانخفاض جودة الدجاج المذبوح
وانخفاض معدلات الإنتاج من البيض والكتاكيت (الصيصان) في قطعان البياض والأمهات
... لذا كان علينا ان نتناول هذا الأمر بمزيد من التوضيح والشرح.
فالأمراض التنفسية والتي تخترق
وتصيب الجهاز التنفسي للطيور لا تتوقف عند ذلك فحسب بل تمتد اصاباتها
وتأثيرها على الحالة العامة للطائر والعديد من اجهزته و اعضاءه الحيوية
الاخرى و هو ما يظهر على الطيور المصابة في صورة اعراض تتدرج و تختلف في
شدتها حسب مستوى الإصابة و نوع المسبب و مناعة القطيع و توافر العوامل المساعدة
لتطور المرض بالمزرعة فقد تبدأ تلك الاعراض الظاهرية في صورة دموع والتهابات في
العيون و رشح بالأنف أو تورم الرأس و حشرجة اثناء التنفس و عطسة متكررة و صرخات
متقطعة مع اخراج مخاط أو حتى دماء وقد يظهر مع بعض تلك الامراض اعراض أخرى بسبب
تأثر الأجهزة الأخرى كالأعراض العصبية أو اختلال في الحركة (مشية البطريق) أو
الإسهالات ويصحب ذلك سوء الحالة العامة للقطيع من قلة الحركة و فقدان للشهية
(انخفاض سحب العلف) وانتفاش الريش و ارتفاع معدلات النفوق وانخفاض معدلات انتاج
البيض مع وجود بيض مشوه الشكل و كذلك انخفاض نسبة الفقس و موت الاجنة وقد تنتقل
بعض تلك الامراض الى الكتاكيت (الصيصان) المنتجة.
وعند دراستنا للأمراض التنفسية في
الدواجن يمكننا تقسيمها حسب المسبب لها إلى:
1- امراض تنفسية
فيروسية:
وتشمل الإصابة بفيروسات
- نيوكاسل ND
- انفلوانزا
الطيور AI بنوعيها الموجودين في مصر (H5 & H9)
- و
الالتهاب الشعبي المعدي IB )بعتراته الكلاسيكية و المتحورة )
- والتهاب
الحنجرة والقصبة الهوائية المعديILT
- و
تورم الرأس (إصابات الميتانيموفيروس) SHS / TRT / Ampv
- و
بعض إصابات جدري الدجاج (Fowl Pox – wet form)
2- أمراض تنفسية بكتيرية مثل:
إصابات المايكوبلازما والتي تسبب
ما يعرف بالمرض التنفسي المزمن ,(CRD)و الإي كولاي E.coli واللذان يعملان سويا فيما يعرف بالمرض التنفسي المزمن المعقد (CCRD) و كوليرا الدجاج Fowl
Cholera و الزكام المعدي Infectious Coryza
3- أمراض تنفسية فطرية:
كما في حالة الاصابة بفطر
الاسبيرجيلس فيموجاتس Asperigellosis
fumigatus والتي تسبب
الالتهاب الرئوي الفطري وهو ما يعرف بعدوى المفرخات Brooder
Pneumonia
4- أمراض تنفسية طفيلية:
كالإصابة بطفيليات سنجيمس تراكياي
، كربتوسبوريديم
5- عوامل بيئية واخطاء الرعاية:
تؤدي الى مشاكل تنفسية تساعد على ظهور الأمراض التنفسية أو زيادة
حدتها مثل حالات الاختناق بغاز الفورمالدهيد أو ثاني أوكسيد الكربون وارتفاع نسبة
الامونيا بالحظائر، التيارات الهوائية المباشرة، زيادة الغبار في الحظيرة بسبب
الجفاف الشديد بالفرشة وكذلك الانخفاض الشديد في درجات الحرارة فضلا عن بعض
الحالات التي تسببها نقص التغذية مثل نقص فيتامين أ بالأعلاف.
وكما تتنوع الأمراض التنفسية في
الدواجن حسب أسبابها و أعراضها فإنها تختلف ايضاً في صورتها التشريحية حيث تقتصر
في بعض الحالات على تورم الرأس ـو التهاب العيون و الانف و الحلق لتمتد الى
التهابات الحنجرة و القصبة الهوائية مع ظهور مخاط بها قد يتحول الى مادة متجبنة
(قد يختلف لونها من الأبيض الكريمي الى الأصفر المتجمد) وقد تتسبب في انسداد مجرى
التنفس بالكامل وتؤدي للوفاة نتيجة اختناق الطائر وقد تمتد تلك الالتهابات الى
انسجة الرئة مسببة التهاب رئوي و كذلك قد تصاب الاكياس الهوائية لتظهر بشكل سميك
قد يحتوي أيضا على مواد متجبنة قد تمتد لتغطي القلب و الكبد و الاغشية الداخلية
للطائر و بالإضافة الى ما سبق ذكره من صفات تشريحية في الجهاز التنفسي قد يصاحب
ذلك صور تشريحية لإصابات بأجهزة و أعضاء اخري داخل الطائر مثل ظهور التهاب
بالامعاء و نقاط نزفية بالمعدة الغدية أو أنزفة تحت جلد الأقدام أو بالدهون
المحيطة بالقلب أو باللوز الأعورية أو تضخم بالطحال أو التهاب بالكلى قد يصل الى
فشل كلوي كامل وما يرافقه من انسداد بالحالبين وكذلك قد يتأثر الجهاز التناسلي
للدجاج مسببا تشوهات واضحة بقناة البيض ينتج عنها بيض مشوه الشكل أو ضعيف القشرة
أو بدونها و قد تؤدي الإصابة المبكرة إلى تكون أكياس مائية بقناة البيض وعقم كامل
للدجاجة المصابة و عدم قدرتها على انتاج البيض (كما في حالات الإصابة بمرض
الالتهاب الشعبي IB بالعترة المتحورة (QX
وبعد ما استعرضناه من خطورة
الامراض التنفسية بالدواجن وما تمثله من تهديد للصناعة استطاع أن يُفني قطعان
بأكملها ويزلزل كيانات ضخمة وعريقة في صناعة الدواجن لذا وجب علينا أن ننتقل إلى
المحور التالي في مقالنا اليوم وهو طرق الوقاية و العلاج من الأمراض التنفسية و
آليات السيطرة عليها في ظل التحديات الحالية من ارتفاع تكاليف الإنتاج و المستجدات
المستمرة من ظهور عترات جديدة و متحورة من المسببات المرضية و تتمثل هذا الآليات
فيما يلي:
1- إزالة أو تقليل المسببات المرضية
والعوامل المساعدة للإصابة من خلال:
أ- ضبط الرعاية بالحظائر وتفادي حدوث أخطاء في نظم
التهوية أو التحكم في الحرارة والاستعانة في تحقيق ذلك بالتطور التقني في نظم وبرامج
المراقبة والانذار والتحكم عن بعد بما يضمن عدم حدوث أي خلل خلال الدورة الإنتاجية
وتداركه بأسرع وقت في حال حدوثه.
ب- تطبيق صارم لإجراءات الأمن الحيوي بجميع مراحل الإنتاج من مزارع ومعامل تفريخ (فقاسات) و معامل
تحليل (مختبرات) ومصانع أعلاف ومجازر (مسالخ) لمنع انتقال المسببات المرضية وتقليل
فرصة انتشارها فيما بين المواقع الإنتاجية والتي تشمل (عزل الموقع وتنفيذ اعمال
النظافة والتطهير ومقاومة القوارض والحشرات ومنع الزيارات إلا لضرورة وبضوابطها)
مع تحويل تلك الإجراءات من مجرد تعليمات الى ثقافة عامة لدى جميع العاملين
بمنظومات الصناعة المختلفة يلتزم بها الجميع كل فيما يخصه والاشراف والمتابعة لها
للتأكد من تطبيقها على الوجه الأكمل.
2- رفع مناعة القطعان من خلال انتقاء مصادر
القطعان الجيدة ووضع برامج التحصينات تحت اشراف بيطري وتطبيقه باستخدام لقاحات
مناسبة للتحديات المرضية الموجودة ومن مصادر موثوقة والاشراف على خطوات التحصين
وقياس المستوى المناعي قبل وبعد التحصين لتقييم برامج التحصينات ودعم ذلك باستخدام
بعض المستحضرات التي ثبت دورها في تحسين الاستجابة المناعية القطعان.
3 -الدعم المستمر
لكفاءة الطيور وأعضاءها الحيوية (خاصة الكبد والكلى) للتغلب على عوامل الاجهاد (خاصة الاجهاد
الحراري) والتثبيط المناعي (مثل السموم الفطرية وغيرها) باستخدام منشطات الكبد
ومضادات الاكسدة والفيتامينات الداعمة.
4- الرقابة البيطرية والصحية المستمرة للقطعان والتشخيص الدقيق والسريع عند ظهور اية اعراض غير طبيعية بالقطيع أو بمؤشرات أداءه والاستعانة بما يتطلبه ذلك من اختبارات وتحاليل بالمعامل التشخيصية واستعمال الإجراءات الصحية العاجلة مثل التحصين الاضطراري لبعض الامراض الفيروسية أو العلاج بالمضادات الحيوية المناسبة في حالات الإصابات البكتيرية وكذلك استعمال موسعات الشعب والغسيل الكلوي والمستحضرات المساعدة لتحسين حالة القطعان في حال حدوث الاصابة.
ختاماً.. فإن صناعة الدواجن قد عانت كثيراً من آثار الإصابة بالأمراض التنفسية المختلفة والتي كثيراً ما تكون إصابات مختلطة ومتعددة الأسباب يمهد بعضها لبعض.. ويصدق فيها ما قاله شكسبير: (إن المصائب لا تأتي فرادى)
فلنجتهد ونحسن فيما نستطيع ونتعاون سويا من رجال أعمال ومربين ومشرفين ومهندسين زراعيين و أطباء بيطريين لنحقق ما نرجوه لصناعة الدواجن في أوطاننا.
د/ أحمد الرفاعي
المدير الفني – شركة جوزل
مدير إدارة الإنتاج سابقاً – شركة مزارع الوادي للدواجن
بالمملكة العربية السعودية